تعريف مفهوم التنشئة الإجتماعية
التعريف اللغوي:جاء في لسان العرب لإبن منظور كلمة التنشئة من الفعل نشأ، ينشأ ،نشوءا ونشاءا بمعنى ربا وشب
(1)
(1)
الإتجاهات الاساسية في دراسة التنشئة الإجتماعية:
لقد تنوعت وإختلفت دراسة التنشئة الإجتماعية حسب دارسيها من علماء النفس وإجتماع وعلماء النفس الإجتماعي والأنتروبولوجيا …إلخ ، الأمرالذي أدى إلى ظهور إتجاهات عدة لكل منها رؤية ومنظور خاص لمفهوم التنشئة الإجتماعية.
*1 الإتجاه النفسي :يؤكد أنصار هذا الإتجاه من علماء النفس على أن شخصية الفرد تتكون وتتشكل في السنوات الأولى
فقط من حياته أما ما يتعرض له الفرد فيما بعد من تأثيرات فإنها تبقى ثانوية بالنسبة لما يكون قد
تعرض له في مرحلة الطفولة، فعناصر شخصية الفرد تعود إلى المرحلة الطفولة وما يتعرض له الفرد من خبرات إيجابية أو سلبية، فالطفل يولد ولديه مجموعة من الغرائز والنزوات، والتي يحاول إشباعها والتي قد تهدد إستقرار المجتمع، ولقد عرف علماء النفس مفهوم التنشئة الإجتماعية بأنها: " العملية التي يستطيع بمقتضاها الأفراد المنشئين إجتماعيا عن كبح نزواتهم وتنظيمها وفق متطلبات المجتمع ونظامه الإجتماعي السائد ويكون سلوكهم هذا مناقضا لسلوك الأفراد غير المنشئين إجتماعيا، والذين تؤدي أنانيتهم في إشباع نزواتهم للإضرار بالآخرين وبسلامة المجتمع(2)
ويرى أبو النيل أن التنشئة الإجتماعية هي " العملية التي يتم من خلالها التوفيق بين رغبات ودوافع الفرد الخاصة، وبين إهتمامات الآخرين والتي تكون ممثلة في البناء الثقافي الذي يعيش فيه الفرد والإستخدام المألوف للأساليب الشائعة في المجتمع ، كالمحافظة على المواعيد وهذه الأشياء ضرورية إذا ما كان على الفرد أن يحيا في وئام مع نفسه ومع الآخرين في المجتمع.
وبهذا نجد أن وظيفة التنشئة الإجتماعية من وجهة نظر علماء النفس، تحقيق التوازن بين نزوات الفردورغبات المجتمع بحيث يمكن تهذيب هذه النزوات وتحويلها إلى سلوكات مقبولة إجتماعيا ولا يكون هذا إلا مع بداية الطفولة، ولذلك وضعوا العيد من النظريات التي تحاول تفسير كيفية تشكيل الشخصية مثل نظريات سيغموند فرويد وجروج ميد …إلخ.
*2 الإتجاه الإجتماعي:
يذهب علماء الإجتماع في تعريفهم لمفهوم التنشئة الإجتماعية إلى الإهتمام بالنظم الإجتماعية والتي من شأنها أن تحول الإنسان تلك المادة العضوية إلى فرد إجتماعي قادر على التفاعل والإندماج بيسر مع أفراد المجتمع ،فالتنشئة الإجتماعية حسب المفهوم الإجتماعي ماهي إلا " تدريب الأفراد على أدوارهم المستقبلية ، ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع، وتلقنهم للقيم الإجتماعية والعادات والتقاليد والعرف السائد في المجتمع لتحقيق التوافق بين الأفراد وبين المعايير والقوانين الإجتماعية، مما يؤدي إلى خلق نوع من التضامن والتماسك في المجتمع" .(1)
يذهب علماء الإجتماع في تعريفهم لمفهوم التنشئة الإجتماعية إلى الإهتمام بالنظم الإجتماعية والتي من شأنها أن تحول الإنسان تلك المادة العضوية إلى فرد إجتماعي قادر على التفاعل والإندماج بيسر مع أفراد المجتمع ،فالتنشئة الإجتماعية حسب المفهوم الإجتماعي ماهي إلا " تدريب الأفراد على أدوارهم المستقبلية ، ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع، وتلقنهم للقيم الإجتماعية والعادات والتقاليد والعرف السائد في المجتمع لتحقيق التوافق بين الأفراد وبين المعايير والقوانين الإجتماعية، مما يؤدي إلى خلق نوع من التضامن والتماسك في المجتمع" .(1)
ولقد عرفها فيليب ماير بأنها " عملية يقصد بها طبع المهارات والإتجاهات الضرورية التي تساعدعلى أداء الأدوار الإجتماعية في المواقف المختلفة."
ويذهب مختار حمزة في
قوله بأنها " عملية تعلم وتعليم وتربية تقوم على التفاعل الإجتماعي وتهدف
إلى إكساب الفرد طفلا، فمراهقا، فراشدا، فشيخا سلوكا ومعايير وإتجاهات
مناسبة لأدوار إجتماعية معينة وتيسر له الإندماج، وأن الفرد في تفاعله مع
أفردا الجماعة يأخذ ويعطي فيما يختص بالمعايير والأدوار الإجتماعية
والإتجاهات النفسية والشخصية الناتجة في النهاية هي نتيجة لهذا التفاعل."
ويقول أبو النيل
أن " التنشئة الإجتماعية تشمل كافة الأساليب التي يتلقاها الفرد من الأسرة
خاصة الوالدين والمحيطين به من أجل بناء شخصية نامية متوافقة جسميا ونفسيا
وإجتماعيا وذلك في مواقف كثيرة منها اللعب والغذاء والتعاون والتنافس
والصراع مع الآخرين في كافة مواقف الحياة …."(2)
إن التنشئة الإجتماعية بهذا
المفهوم تعني عملية تعليم الفرد منذ نعومة أظافره عادات وأعراف وتقاليد
المجتمع أو الجماعة التي يحيا بداخلها حتى يستطيع التكيف مع أفرادها من
خلال ممارسته لأنماط من المعايير والقيم المقبولة إجتماعيا والتي تجعل
الفرد فاعلا إجتماعيا داخل أسرته ومجتمعه، وهي تحدث من خلال وجود التفاعل
بين الأفراد، هذا التفاعل الذي يعتبر جوهر العملية التنشيئية . "
*3 الإتجاه الأنثروبولوجي :
يرى العلماء في الإتجاه الأنتروبولوجي أنه من أهم
خصائص المجتمعات الإنسانية قدرتها على حفظ الثقافة ونقلها من جيل لآخر عن
طريق التنشئة الإجتماعية التي تعتبر الوعاء الأول الذي من خلالها يستطيع
المجتمع الحفاظ على ثقافته، ويرى سعيد فرحمن خلال هذا
الإتجاه التنشئة الإجتماعية بأنها " عملية تهدف إلى إدماج عناصر الثقافة في
نسق الشخصية وهي مستمرة ، تبدأ من الميلاد داخل الاسرة وتستمر في المدرسة
وتتأثر بجماعات الرفاق ونسق المهنة ومن ثم تستمر عملية التنشئة بإتساع
دائرة التفاعل وهي تسعى لتحقيق التكامل والتوحد مع العناصر الثقافية
والإجتماعية (1)
إن التنشئة الإجتماعية عند
الإنتروبولوجيين عملية إمتصاص من طرف الطفل لثقافة المجتمع الذي يحيا فيه،
فالفرد يكتسب ثقافة مجتمعه من خلال المواقف الإجتماعية المختلفة التي يتعرض
لها أثناء الطفولة وهذه المواقف تختلف من مجتمع لآخر بإختلاف الثقافة
السائدة كما أن أساليب التنشئة تختلف بإختلاف الثقافات، وثقافة المجتمع هي
التي تحدد أساليب التنشئة الإجتماعية المتبعة.
ويرى بعض علماء الأنتروبولوجيا مثل فرانز بواس(Franz Boas) و روث بنيدكت(Ruth Benedict) و مرجريت ميد(Margaret Mead) أنه
ليس هناك عمليات تعلم لنقل الثقافة إلى الفرد، فالطفل يكتسب ثقافة المجتمع
بشكل تلقائي من خلال أساليب الثواب والعقاب التي يتعرض لها الفرد في مرحلة
الطفولة . (2)
كما يرى البعض أن إستدماج الطفل لثقافة المجتمع هو العنصر الأساسي للتنشئة الإجتماعية ونجد تالكوت و شليز يذهبان إلى أن العنصر الأساسي من الثقافة هو قيم المجتمع.
نستخلص من التعاريف المختلفة لمفهوم التنشئة الإجتماعية أنها تتركز على ثلاث جوانب :
* يتمثل الجانب الأول على أن التنشئة عملية تقتصر على
مرحلة الطفولة، وأن كل ما يتعرض له الفرد من خبرات ومواقف يبقى راسخا في
شخصيته طوال حياته كما أنها تعمل على التوفيق بين دافع الفرد وغرائزه وبين
قيم المجتمع ليحدث التكيف .
* ويتمثل الجانب الثاني في كون التنشئة الإجتماعية
عملية مستمرة طوال الحياة، يتحول الفرد من خلالها من كائن بيولوجي إلى فرد
إجتماعي عن طريق التفاعل الإجتماعي ( التأثير والتأثر ) ليستطيع
التكيف والإندماج بكل يسر مع أفراد المجتمع، كما
يتعلم الفرد الأدوار المناسبة ويستطيع من خلال التنشئة الإجتماعية فهم
توقعات الآخرين والإرتباط بالجماعة التي ينتمي إليها .
*أما الجانب الثالث والآخير فيوضح أنه كنتيجة للتنشئة
الإجتماعية تصبح عناصر البناء الإجتماعي والثقافي جزءا مندمجا في بنية
شخصية الفرد ، فالنتشئة هي إستدماج لثقافة المجتمع في شخصية الفرد ليصبح
عضوا نافعا داخل جماعاته.
من خلال هذه الجوانب يمكننا القول أن التنشئة
الإجتماعية عبارة عن تكامل بين هذه الجوانب الثلاثة ،إذ لا نستطيع التحدث
عن جانب دون الإشارة إلى الجانب الآخر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة،
فالتنشئة مزيج بين ماهو نفسي وإجتماعي وأنتروبولوجي …إلخ. ويمكننا أن نعتمد
على هذا التمازج أو التكامل في وضع تعريف إجرائي لمفهوم التنشئة
الإجتماعية.
التعريف الإجرائي لمفهوم التنشئة الإجتماعية :
هي عملية تحويل الفرد من كائن بيولوجي إلى فرد
إجتماعي عن طريق التفاعل الإجتماعي، ليكتسب بذلك سلوكا ومعايير وقيم
وإتجاهات تدخل في بناء شخصيته لتسهل له الإندماج في الحياة الإجتماعية وهي
بذلك مستمرة تبدأ بالطفولة، فالمراهقة فالرشد وتنتهي البشيخوخة وتشتمل على
كافة الأساليب التنشيئية التي تلعب دورا مهما في بناء شخصية الفرد أو
إختلالها من جميع الجوانب النفسية والإجتماعية .
إن التنشئة الإجتماعية بهذا المفهوم إذا تعتبر عملية
جوهرية في حياة البشر، فهي عملية تفاعل تتم بين الفرد بما لديه من
إستعدادات وراثية وبيئته الإجتماعية ليتم النمو التدريجي لشخصيته من جهة
وإندماجه في المجتمع من جهة أخرى ضمن إطار ثقافي يؤمن به ويتمسك بمحتواه،
حيث كلما إرتقى الفرد وتقدمت وسائل الحضارة لديه إحتاج لتنشئة أكثر. وهي
أساسية لأنها لا تنتهي بإنتهاء مرحلة الطفولة فحسب، بل هي مستمرة إلى غاية
الشيخوخة، كما أنها تشتمل على كافة الأساليب التي من شأنها أن تعمل أو لا
تعمل على بناء شخصية الفرد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق